زود العصر الحديث البلدان الاسلامية بتأريخ صعب, وباعتبارها كانت لاستعمار مرير واستغلالي فان نجاح التحديث ما زال ينقصها حتى اليوم ويظهر تطورها الاقتصادي عجزاً خطيراً, وحتى الدول المنتجة للنفط لم تستطع الافادة من هذه الميزة, فاشكال السلطة البدائية وطغيان فظيع بصورة خاصة اعاقا نشوء طبقة برجوازية واعية بذاتها, كما ان القوى الاستعمارية قد وأدت في المهد اوضاعاً مبكرة لتطور دولة قومية مستقلة.
وشوهت صدمة تقسيم فلسطين منذ البداية التطور الليبرالي لاول عقد من استقلال الدولة العربية, وفوق ذلك فقد قدم نزاع الشرق الاوسط للحكومات العاجزة المرة تلو المرة اداة رخيصة للتخفف من العبء.
ومع ذلك, فسوف يكون باطلا من الاساس الحديث عن عالم الدول الاسلامي او المجتمع الاسلامي بصفته كتلة موحدة فائرة خطرة, فعالم الدول الاسلامي متمايز ومنقسم ومدفوع بالتنافس السياسي. وليس هناك امل في سيناريو يقدم توحيداً لهذه السجادة المرقعة, فالمنظمات الدولية الموجودة هي اما ذات تكوين ضعيف, او انهخا تخدم مصالح الدول القيادية ذات الصلة فقط.
واذا اتيح لمنطقة عالم الاقتصاد ان يدخل في هذه المنطقة الثقافية فلعله سيكون فقط في تشكيل مختلط, مثل الاسيان, والتعاون الاوروبي المتوسطي, او عملية السلام الشرق اوسطية.
وكذلك فان المجتمعات لا تظهر اي توجه للتوحد, وفي وجه الرفض الهائل بسبب انطلاق الحداثية والاحباط السياسي في القرن الاخير فان حركة اصولية هي اي شيء اخر عدا ان تكون مفاجئة, ومع ذلك فهي ليست سائدة, اذ يعيش في تلك المجتمعات في علاقات متنوعة المتلائمون مع الحداثة, والحداثيون المعتدلون, والانتهازيون التقليديون, والاسلاميون التقليديون, والاصوليون.
ان ما يحتاجه العالم الاسلامي هو نجاح في التحديث وهذا ما يمكن احرازه فقط ضمن ظروف معتدلة لان الاستعداد متوفر لذلك. والامكانات المتنوعة لتأويل الاسس الاسلامية تتيح الفرص لمثل هذا التحديث السياسي, فالاسلام بذاته ليس "معادياً للديمقراطية او حقوق الانسان".
ان الغرب بالدرجة الاولى, والعالم باسره لهم مصالح قوية في هذا النجاح, وسيكون من المؤسي ان تعيق الاحكام المسبقة, والاطماع الاقتصادية, واطماع السلطة السياسية, تحقيق هذه المصالح.