رئيس الدولة في الإسلام، هو القائد للمسيرة الإسلامية، والموجّه والرائد في درب المسير، لذا يجب أن يكون شخصية عقائدية، وقائداً قادراً على إدارة شؤون الأمّة، والحكم بالعدل بين الناس.
قال تعالى:(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء/58).
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ...) (النحل/90).
(وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) (هود/113).
وقد بحث علماء الإسلام مسألة صفات الحاكم، فكانت لهم آراء واختلافات واسعة في هذا المجال، فذهب شيعة آل البيت إلى أن الإمام الذي يخلف الرسول (ص) (لا يكون إلّا معصوماً من الخلاف لله تعالى، عالماً بجميع علوم الدين، كاملاً في الفضل). وآمنوا أن الخلافة حق لعلي وذريّته الحسن والحسين(ع)، ثم هي بعد ذلك في تسعة من ذرية الحسين(ع). واستدلوا لهذا المعتقد بالكثير من الآيات والروايات ومواقف الرسول (ص) والأدلة العقلية والعملية لعلي وبنيه (ع). وأبرزها الآية الكريمة التي أجمع المفسرون أنها نزلت في علي (ع) وهو راكع في مسجد الرسول ونصّها:
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (المائدة/ 55).
فهي تعني في دلاتها ولاية أمر المسلمين (الخلافة والإمامة).
كما استدل بموقف الرسول(ص) وبيانه الخالد، بعد عودته من حجة الوداع عندما جمع المسلمين في مكان يدعى (غدير خم) وخطبهم خطبته الخالدة. فمما جاء في تلك الخطبة قوله :"...ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فقال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه".
في حين ذهبت مذاهب اسلامية أخرى إلى عدم اشتراط العصمة في الإمام الذي يخلف الرسول (ص).
ونريد في هذا الموضوع أن ندرس الصفات التي يجب توفّرها في رئيس الدولة الإسلامية في غير أئمة أهل البيت (ع) كمرحلتنا الحاضرة.
إن القرآن الكريم والسنّة المطهّرة ودراسات العلماء تثّبت لنا تلك الصفات التي يجب توفّرها في رئيس الدولة الإسلامية.
وهذه الصفات هي : 1- الذكورة. 2- العقل والبلوغ. 3- طهارة المولد. 4- العدالة : وتعني التقوى والإستقامة، والإلتزام بأحكام الشريعة، فالحاكم المسلم يجب أن يكون قدوة، ومثلاً أعلى في الإلتزام بالأحكام، والأخلاق الإسلامية.
ومَن يفقد العدالة (وهو الفاسق) لا طاعة له، ولا ولاية له على المسلمين.
وذلك واضح كل الوضوح من الآيات القرآنية التي تحدثت في ذلك، منها قوله تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ...) (هود/113).
ومنها قوله تعالى : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (ص/26).
ومنها قوله سبحانه: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). (الحج/41).
غير أن بعض المذاهب الإسلامية لم تشترط صفة العدالة في شرعية الحاكم، كما اشترطها الشيعة الإمامية، فقد ذهبوا إلى أن بيعة الحاكم تبقى ملزمة للمسلمين، حتى في حال فسوقه، وخروجه على الأحكام الشرعية. مفسرين ذلك بأن الفسوق لا يبطل البيعة. وقد صرح بهذه الآراء عدد من علماء هذه المذاهب: منهم النووي والباقلاني والإمام أحمد بن حنبل وغيرهم.
5- العلم بأحكام الشريعة : ومن الصفات التي اشتُرط توفرها في الحاكم الإسلامي، هي صفة العلم بأحكام الشريعة ووعيها، لذا اشترط أن يكون رئيس الدولة الإسلامية مجتهداً.
6- الكفاءة القيادية: ويشترط في رئيس الدولة الإسلامية أن يكون مؤهلاً من الناحية القيادية لقيادة الأمّة.
وتوضيح ذلك أن يكون على جانب كبير من الوعي السياسي والفهم الاجتماعي، والقدرة القيادية، من الشجاعة، والحزم، وقوة الشخصية، والسلامة الصحية، ممّا يمكنه من إرادة الدولة، وإقامة الحق والعدل، ومواجهة الطغاة.